تمتد منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا من شواطئ المحيط الأطلسي في المغرب وموريتانيا حتى حدود أفغانستان، وقد سوقتها وصورتها تاريخيًا القوى الاستعمارية على أنها منطقة صحراوية شاسعة، وقاحلة، وخالية من الحياة. وقد حوّلت هذه السردية نسيج الغابات الغني إلى مواقع مهملة ومجهولة المصير، وجودها اليوم مهدد بشكل محدق.
تتمتع كل من هذه الغابات بطابع فريد من نوعه. من بساتين الأركان في جنوب غرب المغرب والجزائر، حيث تزدهر شجرة الأركان الصامدة، إلى أشجار الأرز المهيبة التي تزيّن جبال الأطلس الشاهقة، مرورًا بغابات المشرق الساحرة في المرتفعات المتوسطة، التي تُعدّ موطنًا لمزيج من أشجار الصنوبر دائمة الخضرة والسنديان النفضية، بما في ذلك أشجار الأرز اللبنانية العظيمة وأشجار الشوح الكيليكي.
في المنطقة السودانية، تغذي غابات السافانا الرطبة بالأمطار الغزيرة، التنوع البيولوجي المزدهر بنباتات وحيوانات فريدة. على طول سواحل مصر والجزيرة العربية، لا تستضيف غابات المنغروف الرائعة فقط مجموعة واسعة من التنوع البيولوجي، بل تحمي الأرض أيضًا من الفيضانات، وتُشكّل حاجزًا أمام تقدّم الصحاري الزاحفة من الشرق. أمّا الغابات النهرية، التي تقع على طول ضفاف الأنهار، فهي تلعب دورًا حيويًا في تنظيم المياه، وتحسين جودتها، والتخفيف من أخطار الفيضانات، كما تعمل كملاذ للأنواع الفريدة التي تميز نظم الغابات البيئية هذه.
وتشهد هذه النظم البيئية على قدرة الطبيعة الرائعة على التكيّف. ومع ذلك، فإن العوامل التي تؤدي إلى الزَحرَجَة (إزالة الغابات) والتدهور البيئي، لم تكن يومًا أكثر تهديدًا، كما أن شبح التغير المناخي الذي يلوح في الأفق يزيد من أهمية المحافظة عليها.
على الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه الغابات في المحافظة على التنوع البيولوجي، وعزل الكربون. ودعم المجتمعات المحلية، إلّا أّنها تواجه في هذه المنطقة الشاسعة تهديدات خطيرة على مساحتها وصحتها والخدمات البيئية التي تقدمها. ويشمل ذلك التحديات الناجمة عن تغير المناخ، مثل زيادة مخاطر حرائق الغابات وحالات الجفاف لفترات طويلة، فضلًا عن زحف التوسع الحضري والزراعي. يُضاف إلى ذلك تأثير النزاعات أو العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تجبر على إزالة الأشجار للحصول على الوقود، بسبب زيادة الفقر وغياب البدائل المستدامة.
من خلال فتح باب لفهم أعمق لهذه النظم البيئية الفريدة وتبديد الأساطير القديمة التي تصف هذه المنطقة بأنها أرض قاحلة، ندعوكم للانطلاق في رحلة استكشاف غاباتها المتنوعة، عبر تقديم معلومات حول التحديات التي تواجه هذه الغابات وضرورة إعادة احيائها. من خلال ذلك، نأمل في زرع شعور بالمسؤولية المشتركة وتعزيز الجهود المتضافرة لحمايتها.
تُشكّل هذه المقالة مقالة افتتاحية لملف مخصص للغابات والمساحات الخضراء في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، حيث تهدف إلى التعمق في تعقيداتها وتفاصيلها وقصصها المذهلة. فهذه الغابات، لا تمثّل فقط مستودعات للتنوع البيولوجي؛ بل هي كنوز ثقافية، وشرايين حياة اقتصادية، وركائز بيئية لا غنى عنها.
نظام بيئي حيوي
تتسم الغابات في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا بأهمية بالغة، وذلك ليس فقط بسبب تنوعها البيولوجي الاستثنائي، بل أيضًا بسبب الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تقدمها للمجتمعات المحلية. فهي تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن الدقيق للنظم البيئية، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من الرفاهية العامة للمنطقة والعالم. تضم المنطقة غابات ذات قيمة عالمية بارزة نظرًا لتنوعها البيولوجي الفريد، بالرغم من التهديدات الخطيرة التي تواجهها. وهي تشمل الغابات التي تظهر بوضوح في أربع من أهم بؤر التنوع البيولوجي في العالم: حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة القوقاز، والمنطقة الإيرانية والطورانية، وقرن إفريقيا. ومن أبرز هذه المناطق البيئية هي الغابات المتوسطية، التي تشتهر بإيوائها لأعلى معدل توطن للنباتات في العالم. بوجود حوالي 12,000 نوع من النباتات، تحوي هذه الغابات حوالي 50٪ من النباتات الإقليمية، وتتنافس مع التنوع البيولوجي الشهير في جبال الأنديز الاستوائية.
كما توفر بعض النظم البيئية داخل المنطقة، مثل غابات السنديان الفليني، فوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة. فعلى سبيل المثال، في غابات البحر الأبيض المتوسط في شمال غرب تونس، تساهم غابات السنديان الفليني في منطقة إيتيمية (منطقة عين سنوسي) بشكل كبير في الاقتصاد المحلي، حيث تدعم سبل العيش وتوليد الدخل. في المغرب أيضَا، اكتسبت غابات الأركان اعترافًا دوليًا بقيمتها البيئية الفريدة، مما أدى إلى تحسين الفرص الاقتصادية والتعليم عند المجتمعات المحلية. وقد نجحت جهود المحافظة على البيئة في الحفاظ على غابات الأرز أيضًا، كما هو الحال في محمية الشوف للمحيط الحيوي في لبنان. فقد أصبحت هذه المحمية الحيوية التابعة لليونسكو مركزًا لأنشطة السياحة البيئية، مما يوفر فرص دخل للمجتمعات المحلية ويحمي جزءًا كبيرًا من غابات الأرز المتبقية في لبنان.
تلعب المنتجات الحرجية غير الخشبية، مثل الرعي والفلين والفواكه والنباتات، دورًا محوريًا في المنطقة، حيث تساهم بنسبة تصل إلى 40% من دخل الأسر. تعد خدمات النظام البيئي الأخرى مثل تصفية المياه، وحماية مستجمعات المياه، وتثبيت التربة، واحتجاز الكربون، والحماية من التآكل أمرًا بالغ الأهمية أيضًا لرفاهية النظم البيئية الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون فيها.
ومع ذلك، فإن هذه الغابات الثمينة تواجه اليوم تحديات كبيرة، خاصة بسبب تغير المناخ، الذي بدأ بالفعل في ممارسة تأثيره عليها بطرق ضارة متعددة، مثل اختلال أنماط الحرائق، مما يؤدي إلى ازدياد تكرارها وشدتها، وظهور موجات جفاف ممتدة، وتعزيز الظروف المؤدية إلى تفشي حشرات الغابات. بالإضافة إلى ذلك، يشكل التوسع الحضري والتنمية الزراعية تهديدات مباشرة على هذه المناطق الحرجية. وأخيرًا، في المناطق التي تعاني من النزاعات مثل سوريا واليمن، غالبًا ما تجبر العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأفراد على اللجوء إلى إزالة الأشجار للحصول على الوقود الأساسي للطهي والتدفئة، نظرًا لنقص البدائل المستدامة.
كيف أعاد التاريخ والقوى الاستعمارية تشكيل الغابات
شهدت منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا على مرّ التاريخ زَحرَجَة عميقة، إذ تعود أولى الأمثلة إلى سكان العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري، الذين قاموا بإزالة غابات السنديان النفضية منذ حوالي 9000 سنة في وادي الغاب في سوريا الحديثة. وقد بدأت تصفية أشجار الأرز اللبناني منذ حوالي 7700 سنة. أدت هذه الأعمال إلى استبدال الغابات بنباتات ثانوية ونباتات مزروعة، مما أفضى إلى تغيير المناظر الطبيعية الخضراء والخصبة، كما وُصفت في ملحمة جلجامش. واليوم، ما زال بالإمكان رؤية بعضًا من غابات الأرز في جبل لبنان والجبال الساحلية السورية.
أمّا في الجزائر، خلال فترة الاستعمار، فقد دمر الجيش الفرنسي عمدًا الحدائق والبساتين والمناظر الطبيعية المحيطة بالبلدات والمدن الكبرى، في إطار سياسة الأرض المحروقة لإضعاف السكان المحليين. ومن الناحية التجارية، استغلت الشركات الفرنسية الغابات الجزائرية بكثافة، حيث قطع الجيش الفرنسي 300,000 متر مكعب من الخشب بين عامي 1840 و1848، وأنتج كمية كبيرة من الفحم. استُهدفت غابات الأرز والسنديان الأخضر، خاصة في منطقتي الأوراس وجيجل، لقطع الأشجار. كان حجم إزالة الغابات كبيرًا، حيث اختفى ما يقدر بمليون هكتار من الغابات بين عامي 1870 و1940. كما قُدر إنتاج الخشب خلال الحرب العالمية الثانية وحدها بحوالي 1.5 مليون متر مكعب، وتجاوز قطع الأشجار من أجل الحطب سبعة ملايين متر مكعب، وأدى قطع الأشجار لإنتاج الفحم إلى إزالة ستة ملايين متر مكعب من الغابات.
وبطريقة معاكسة على ما يبدو، استُخدم تحويل الأراضي وإعادة التشجير بشكل استراتيجي لترشيد الممارسات الاستعمارية وإخفائها في كل من الانتدابين الفرنسي والبريطاني في مناطق المشرق والمغرب العربي. وأحد الأمثلة الصارخة على ذلك هو خلال فترة الانتداب البريطاني في فلسطين، حيث استُخدمت روايات الرعي الجائر والتصحر بمهارة، لتوفير مبرر لسياسات التحريج وتنفيذ القوانين التي تهدف إلى تنظيم المجتمعات البدوية، كما هو الحال في مرسوم مراقبة البدو لعام 1942. إذ قدّمت هذه التدابير ظاهريًا على أنها ضرورية للتخفيف من الرعي الجائر. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسات الاستعمارية استمرت حتى يومنا هذا، لا سيما في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها دولة إسرائيل في أعقاب أحداث النكبة. فقد قامت السلطات الإسرائيلية بحملات تشجير واسعة النطاق داخل القرى الفلسطينية المهجرة، وحولتها في نهاية المطاف إلى محميات طبيعية. ويمكن اعتبار هذا الجهد الاستراتيجي كمحاولة للتغطية على التهجير القسري والتطهير العرقي الذي تعرض له السكان الفلسطينيون، وبالتالي إخفاء الأثر الحقيقي لهذه الأعمال.
تراجع الغابات بمعدل مقلق
الزَحرَجة في شمال المغرب والجزائر
شهدت الغابات في شمال المغرب والجزائر تغيرات كبيرة خلال العقدين الماضيين. في شمال الجزائر، انخفضت مساحة الغابات بنسبة 64.96٪، من 3718 إلى 1266 كيلومتر مربع، بين عامي 2000 و2020، بينما ازدادت المساحة القاحلة بنسبة 40٪، من 134,777 إلى 188,748 كيلومتر مربع. يمكن أن يُعزى هذا الانخفاض أولًا إلى عوامل مثل توسع الأراضي الزراعية، وحرائق الغابات، وتغير المناخ، والتفاعل المعقد بين الديناميات الاجتماعية والاقتصادية والحضرية.
وفي المغرب، بين عامي 2001 و2020، تأثرت أيضًا منطقة الريف الغربي بالزحرجة، حيث فقدت حوالي 8.39٪ من مساحاتها المغطاة بالغابات، أي ما يعادل مساحة إجمالية قدرها 272 كيلومتر مربع. ومن الجدير بالذكر أن محافظات شفشاون وتطوان والعرايش شكّلت أكثر المناطق التي شهدت نسبة كبيرة من هذه الخسائر في الغابات، حيث ساهمت بنسبة 70٪ من التراجع الإجمالي. علاوة على ذلك، شهدت محافظتا المضيق–الفنيدق وطنجة–أصيلة أعلى معدلات الزحرجة السنوية، بنسبة 0.9٪ و0.89٪ على التوالي.
إزالة غابات المانغروف في مصر والبحرين
تلعب نظم أشجار المانغروف البيئية على طول ساحل البحر الأحمر في مصر، دورًا حاسمًا في التوازن البيئي والتنوع البيولوجي في المنطقة، رغم صغر حجمها نسبيًا. تتناثر هذه الغابات عبر الخلجان والبحيرات الصغيرة المحمية بالشعاب المرجانية، وتغطي أكثر من 550 هكتارًا على طول خليج العقبة وساحل البحر الأحمر المصري. لسوء الحظ، عانت أشجار المانغروف الحيوية هذه، على مدى العقود الأربعة الماضية من تراجع كبير، لا سيما بسبب الأنشطة البشرية والتطوير الحضري على طول الساحل. وقد ساهمت عوامل أخرى، مثل تغير المناخ، والتدهور البيئي، والتحضر السريع، والصناعة، والنمو السياحي، ورعي البدو، في استنزاف وتدهور مواقع أشجار المانجروف هذه.
يختلف الوضع على طول السواحل المتنوعة للبحر الأحمر. ففي جنوب سيناء، حيث تُستخدم غابات المانجروف كوجهات سياحية شهيرة، يتسبب بناء المرافق السياحية الجديدة والتلوث النفطي في إلحاق أضرار جسيمة بغابات المانجروف. ولا يؤدي هذا الضرر إلى فقدان هذه النظم البيئية الفريدة من نوعها فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى فقدان الحياة البحرية المتنوعة التي تدعمها.
وعلى مدى أكثر من خمسة عقود، شهدت البحرين تراجعًا هائلًا في الغطاء الطبيعي لأشجار المانغروف، مما أفضى إلى فقدان أكثر من 95% من الأشجار، بين عامي 1967 و2020. وقد أدى هذا التحول البيئي العميق إلى انخفاض كبير في مساحة مناطق أشجار المانغروف، حيث تم تسجيل خسارة صافية قدرها 280 هكتارًا خلال الفترة الممتدة من عام 1967 إلى عام 2020. ولتوضيح ذلك، فإن مساحة غابات المانغروف التي كانت تصل إلى 328 هكتارًا في عام 1967، قد تضاءلت بشكل كبير إلى 48 هكتارًا فقط بحلول عام 2020. ويسلط هذا الانخفاض الكبير الضوء على الحاجة الملحة لجهود المحافظة على الأشجار والممارسات المستدامة لحماية ما تبقى من النظم البيئية لأشجار المانغروف في البحرين.
الزَحرَجة الناجمة عن الحروب: سوريا واليمن
فقدت سوريا حوالي 19.3% من غطائها الشجري بين عامي 2010 إلى 2019. يُعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى النزاع المسلح المستمر، الذي أطلق العنان للعديد من العوامل التي ساهمت في انخفاض مساحات الغابات. ومن بين هذه العوامل، لعب قطع الأشجار غير القانوني التي يقوم بها السكان المحليون واللاجئون المقيمون في المخيمات القريبة من مناطق الغابات دورًا محوريًا. وكان الدافع الرئيسي وراء قطع الأشجار هذا هو نقص الوقود اللازم للطهي والتدفئة والفقر غير المسبوق، حيث يعيش أكثر من 90% من سكان سوريا تحت خط الفقر، وفقًا للأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، شكّلت عوامل أخرى، مثل الأنشطة الحربية، بما في ذلك القصف بالقرب من الغابات، عاملًا رئيسيًا في هذا التراجع، حيث أن أكثر من 50% من الزَحرَجة تحدث في المناطق التي تشهد كثافة عالية من الأحداث الناسفة.
في اليمن، ظهر اتجاه مثير للقلق وتصاعدي لإزالة الغابات نتيجة للطلب المتزايد على الخشب. يشكل هذا الطلب المتزايد على الخشب والوقود الخشبي تهديدًا كبيرًا لفرص اليمن في التنمية المستدامة على المدى الطويل. أحد أسباب هذا الاتجاه المقلق هو ارتباط الطلب المتزايد على الخشب بمشكلة البطالة المرتفعة. فقد لجأ العديد من الأفراد، لا سيما الفلاحين السابقين الذين أصبحت أراضيهم الزراعية غير مثمرة، إلى قطع الأشجار كوسيلة لكسب الرزق والدعم الاقتصادي.
يصبح حجم هذه المسألة أكثر مدعاة للقلق عندما نرى أن حوالي 886,000 شجرة تُقطَع كل عام لتلبية متطلبات الخشب لمخابز ومطاعم موجودة فقط في العاصمة، صنعاء. تؤكد هذه الأرقام المروعة حجم المشكلة وتداعياتها على البيئة المحلية والمشهد الاجتماعي والاقتصادي الأوسع لليمن. إن الحصاد العشوائي للأشجار بهذا المعدل لا يهدد فقط النظم البيئية الهشة في البلاد، بل يفاقم أيضًا مشكلة إزالة الغابات الحرجة.
إنقاذ غابات المنطقة
مع انطلاقنا في رحلة عبر النسيج المعقد لغابات منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا المعقدة، يصبح من الواضح تمامًا أن بقاءها على المحك. فبساتين الأركان الساحرة، وغابات الأرز الصامدة، وأشجار المانغروف الآسرة التي تزين السواحل، تواجه جميعها مستقبلًا غامضًا. يجب علينا أن ندرك إلحاح الوضع والمسؤولية المشتركة التي نتحملها في حماية هذه النظم البيئية الثمينة. هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة تشمل:
المحافظة على الاشجار والممارسات المستدامة: يجب أن يكون في قلب جهودنا الجماعية الالتزام الثابت بالمحافظة على الأشجار. ويجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية أن تتحد لحماية هذه الغابات. إن ممارسات قطع الأشجار المستدامة، والإنفاذ الصارم لقوانين مكافحة إزالة الغابات، والاستعادة الحثيثة للمناطق المتدهورة، تشكل خطوات حيوية نحو ضمان استمرارية غابات منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. ويتعين علينا أن نوازن بين استخدامنا للموارد وضرورة الحفاظ على هذه العجائب الطبيعية للأجيال القادمة.
مشاركة المجتمع المحلي: إن المشاركة الفعالة للمجتمعات المحلية أمر أساسي لأي مبادرة ناجحة للمحافظة على الغابات. فغالبًا ما يكون لهذه المجتمعات المحلية روابط عميقة الجذور بالغابات، حيث تعتمد عليها في معيشتها. وللتخفيف من الضغوطات التي تؤدي إلى الزَحرَجة، يجب علينا توفير بدائل قابلة للتطبيق لتوليد الدخل والتعليم والموارد الأساسية. ومن خلال تمكين هذه المجتمعات من أن تصبح حارسة لبيئاتها، فإننا نمهد الطريق للتعايش المستدام.
التعاون الدولي: لا تعترف التحديات البيئية بالحدود. لذا التعاون الدولي ضروري، لمواجهة التهديدات المتعددة التي تواجه غابات جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا بشكل شامل. ويمكن أن تساعد مشاركة المعرفة والتكنولوجيا والموارد على نطاق عالمي في مكافحة الزَحرَجة وتعزيز الممارسات الحرجية المستدامة. كما يمكن أن توفر الجهود المشتركة أيضًا جبهة موحدة ضد قطع الأشجار غير القانوني والتحديات العابرة للحدود التي تتجاوز حدود الدول.
التعليم والتوعية: إن رفع مستوى الوعي حول قيمة الغابات الهائلة هذه هو مفتاح حمايتها. من خلال التعليم الشامل والمناصرة المؤثرة، يمكننا غرس الشعور بالمسؤولية والإشراف في الجيل القادم. من خلال تعليم أطفالنا ومجتمعاتنا عن أهمية الغابات البيئية والاقتصادية والثقافية، فإننا نربي التزامًا عميقًا بالحفاظ عليها. المعرفة هي الأساس الذي يُبنى عليه التغيير المستدام.
الحفاظ على التراث الثقافي: من خلال الاعتراف بمكانة هذه الغابات الثقافية والتاريخية العميقة، نكتسب فهمًا أكثر شمولية لأهميّتها. يضمن الحفاظ على التراث الغني المتشابك مع هذه العجائب الطبيعية إدراك الأجيال القادمة القيمة الجوهرية لهذه النظم البيئية. فالمسألة ليست مجرد مسألة الحفاظ على الأشجار؛ بل هي حماية جوهر هويتنا الجماعية وتاريخنا المشترك.
إذا كنت ترغب في قراءة المزيد من المقالات والكتب والمصادر والمواقع الإلكترونية ذات الصلة، يمكنك العثور على قائمة المؤلف هنا:
قاعدة بيانات رصد الغابات
مساهمة الغابات في الاقتصاد الأخضر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
التصورات البيئية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
التنمية المستدامة للجبال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من ريو 1992 إلى 2012 وما بعدها