أنا ملون لذا علي أن أثبت أنني مسالم، كما أنني لاجئ و هنا علي أن أكون أليفاً أيضاً.
نعم، هم يقتلون شعبي على الشاشات كل يوم. لكن، غضبي يجب أن يكون مدروساً! يجب ألا أصرخ و أن لا أشتم قاتلي حتى لا أُزعج رقة الاستعماري الأبيض وهو ينقذ سلاحف المحيطات، يشتري أكياس الكرتون، و يعانق كل أشجار الأرض.
لبعض الأشجار خصوصية أيضاً. هو الذي يصمت تماماً أمام أشجار الزيتون تموت محترقة بقذائف الإسرائيليين. لعل الزيتون ملوناً هو الآخر أو لعل الشجرات الميتات لم تحقق نصاب الشجب بعد. ليست كل الأشجار سواء و إن كانت كالبشر تنتمي لذات الأصل .
أنا ترانس أي أنني رجل عابر جنسياً، و هي ميزة لي في العالم الأول و إشارة خضراء تميزني عن بقية العرب النمطيين بحسب تصنيفهم. فأنا و إن كنتُ منهم لكنني لست مثلهم ، أولئك الذين قد ينبذونني بسبب الأعراف أو الدين. من هنا ربما سيعيدون دراسة أوراقي في دوائر الهجرة، سيقلبون ملفي جيدا بحثاً عن أي دليل يثبت أنني لست من البربريين. أنني سأدفع ضرائبي كلها، سأقطع الطريق فقط حين تكون الإشارة خضراء، سأبتسم لكل كلاب الجيران. ربما سيمنحني حينها موظف بدائرة الهجرة يشرب القهوة مع حليب معتدل يعمل بوظيفة ثابتة بين عطلتين حق البقاء هنا.
هل تعلم؟ ليس من السهل أن أروّض حنجرتي لتصبح قلماً، ولا من السهل أن أترجم صراخي لكلمات ..
بدلت كل صوري الشخصية على صفحاتي في مواقع السوشيال ميديا من السواد إلى صورتي مع الكوفية لباس المقاوم الأول. فلاح فلسطين. أنا اليوم غاضب أكثر من أنني حزين .
قد تم تدجيننا يا صديقي. علمونا أن الغضب فعل همجي ليسيطروا على أرواحنا. لكن من لا يغضب اليوم لقتل الأطفال الصغار قد تم تشيئه. من لا يغضب اليوم لا خير فيه.
في القرآن الكريم آية تقول: بسم الله الرحمن الرحيم [ هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ] أنا اليوم أعلم ما عدتُ أستطيع أن أبقى زاحفاً في مستوى الصامتين.
أنا غاضب لأنهم سرقوا دموعي و أخبروني أن موتنا أمر عادي في قوارب الهرب، تحت براميل الأنظمة الفاشية التي زرعوها لنا. وهو أمر عادي كل يوم، كل يوم، كل يوم برصاص الإسرائيليين.
أريد أن أستعيد حقي بالحزن، لا أريد أن أكون صلبا كالصخر. أريد أن أسمح لنفسي بالبكاء فالبحر دمعة الله الكبيرة يطهر بها كل الجروح وأنا أنزف من سنين.
دمي يلون كل خيام الأرض، كل الحدود، كل الرسائل. و اليوم صار بيناً على الشاشات .